المجازات النبوية - الشريف الرضي - الصفحة ٦٨
وأبو الحسن علي بن عيسى الربعي، وأظنه من أبيات الكتاب (1):
ولن أذكر النعمان إلا بصالح * فإن له عندي يديا وأنعما (2) 40 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام " مات حتف أنفه ". وذلك مجاز لأنه جعل الحتف لانفه خاصا وهو في الحقيقة له عاما. لان الميت على فراشه من غير أن يعجله القتل إنما يتنفس شيئا فشيئا حتى ينقضى ذماؤه (3) وتفنى حوباؤه (4)، فخص عليه الصلاة والسلام الانف بذلك لأنه جهة لخروج النفس وحلول الموت. ولا يكاد يقال ذلك في سائر الميتات حتى تكون الميتة ذات مهلة. وتكون النفس غير معجلة، فلا يستعمل ذلك في الميتة بالغرق والهدم وجميع فجأة الموت، وإنما يستعمل في العلة المطاولة، والميتة المماطلة. وروى عن أمير المؤمنين علي عليه السلام أنه قال: ما سمعت كلمة عربية من العرب إلا وقد سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وآله، وسمعته

(1) إذا أطلق الكتاب: انصرف إلى كتاب سيبويه.
(2) ما في الحديث من البلاغة:
قال الشريف: إن فيه كناية، كنى بطول اليد عن كثرة العطاء، لان كثرة العطاء تستلزم كثرة مد اليد وكثرة مد اليد تستلزم طولها لأنها في أكثر أحيانها ممدودة، وأيادي بقية نسائه صلى الله عليه وسلم غير ممدودة، فتكون يد المعطية أطول من أيدي غيرها، وهو طول نسبي.
(3) الذماء: بقية الروح.
(4) الحوباء: النفس.
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»
الفهرست