المجازات النبوية - الشريف الرضي - الصفحة ٣١٣
الغائر الذي لا يقدر عليه، ولا يهتدى إليه (1) ".
240 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام في حديث طويل: " ثم يكون ملك عض يستحل الفرج والحرير " وفي هذا الكلام مجازان: أحدهما قوله عليه الصلاة والسلام: " ملك عض " والعض في الأصل هو الرجل الداهية المنكر. وربما سمى أيضا بذلك الرجل السئ الخلق المتكبر؟ (2). قال حسان بن ثابت:
وصلت به ركني وخالط شيمتي * ولم أك عضا في الندامى ملوما (3) فكأنه عليه الصلاة والسلام شبه الملك الذي أومأ إليه في السطوة والقسوة والطماح والنزوة بذى الدهاء والنكر. أو بذى الشموخ والكبر. والمجاز الآخر قوله عليه الصلاة والسلام: " يستحل الفرج والحرير "، وإنما أراد أن أهله يستحلون ذلك، فحسنت إضافته إلى الملك لما كان الاستحلال واقعا في الملك، ونظائر ذلك كثيرة، وقد جاء في رواية أخرى لهذا الخبر: ثم يكون: " ملك عاض "،

(1) ما في الحديث من البلاغة:
في الحديث استعارة تصريحية، حيث شبه القضاء والقدر بطريقين إذا حفر فيهما لاستخراج الماء احتاج ذلك جهدا شديدا، أو إذا أراد سالكهما بلوغ غايتهما لم يمكنه إلا بعد جهد جهيد وتعب شديد، بجامع بعد الغاية في كل والجهد في الوصول إليها، واستعمل لفظ المشبه به في المشبه.
(2) في القاموس: العض: السئ الخلق، والبليغ المنكر.
(3) الركن: الجانب، والرماد تقويت به، والشيمة: الطبيعة، والندامى: خلطاء الشراب، الملوم: الذي يأتي ما يلام عليه.
(٣١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 ... » »»
الفهرست