المجازات النبوية - الشريف الرضي - الصفحة ١٣٥
معادن " وهذه استعارة لأنه عليه الصلاة والسلام شبه الناس بالمعادن التي تكون في قرارات الأرض فلا يحكم على ظواهرها حتى يستخرج دفائنها ويستنبط كوامنها فيكون منها اللجين والنضار (1)، ويكون منها النفط والقار فكذلك الناس لا يجب (2) أن يحكم على مجاليهم ولا يقطع على بواديهم حتى يخبروا ويعرفوا ويثاروا ويبحثوا فيخرج البحث جواهرهم، ويمحص الامتحان مخابرهم. فيتبين حينئذ كرم النحائز (3) وطيب الغرائز وتكشف منهم الطرائق ولتيم الخلائق (4).
102 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام في آخر خطبة خطبها ببطن عرفة وذلك في حجة الوداع: " ألا إن كل شئ من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع "، وهذا القول مجاز والمراد به إذلال أمر الجاهلية وحط أعلامها ونقض أحكامها، كما يستذل الشئ الموطوء الذي تدوسه الأخامص (5) الساعية والاقدام

(1) اللجين: الفضة، والنضار: الذهب، والنفط الزيت يستخرج منه البترول، والقار: القطران.
(2) ويجب: أي لا يلزم، يقال وجب الشئ: لزم.
(3) النحائز جمع نحيزه: وهي الغريزة.
(4) ما في الحديث من البلاغة:
في الحديث تشبيه بليغ، حيث شبه الناس بالمعادن في أنها تحتاج في معرفتها إلى بحث وفي اختلاف طبائعها إلى نظر، وحذف وجه الشبه والأداة، والأصل الناس كالمعادن.
(5) الأخامص جمع أخمص: وهو مالا يصيب الأرض من باطن القدم.
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»
الفهرست