134 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: " من كانت نيته الآخرة جعل الله سبحانه غناه في قلبه (1) وأتته الدنيا وهي راغمة "، وهذه استعارة، والمراد أتته الدنيا من حيث لا يطلبها ودرت عليه منافعها من حيث لا يحتسبها، فأقام عليه الصلاة والسلام مواتاة الدنيا من غير طلب مقام إتيانها راغمة وإقبالها عليه ضارعة.
وأصل الرغم أن يلصق الانف بالرغام، وهو التراب، وقيل الرمل وليس يكاد يكون ذلك إلا عن غاية الخشوع، ونهاية الخضوع (2).
135 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: " عليكم بسنتي وسنة المهديين من بعدى عضوا عليها بالنواجذ " وهذا مجاز. والمراد أن اقطعوا عليها وقفوا عندها، ولا تتجاوزوها إلى غيرها. كما أن من شدد العض بنواجذه على الشئ الذي يتأتى فيه القطع قطعه. والنواجذ أقصى الأضراس، وهي أقواها وأمضاها.
وقد يجوز أن يكون المراد الامر بلزوم سنته عليه الصلاة والسلام