المجازات النبوية - الشريف الرضي - الصفحة ٢٤٨
198 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام حين قال له حذيفة بن اليمان، وقد ذكر الفتن: " أفبعد هذا الشر خير يا رسول الله؟ قال: هدنة على دخن (1) وجماعة على أقذاء (2) " وفي هذا الكلام استعارتان:
(إحداهما) قوله عليه الصلاة والسلام: " هدنة على دخن " وقيل: إن الدخن في الأصل اسم للون الذي فيه كدروة، والصحيح أنه مأخوذ من الدخان لكدر أجزائه وارتداد ألوانه، فكأنه عليه الصلاة والسلام شبه الهدنة التي تؤذن بالفتنة والسلم (3) الذي ينكشف عن المحاربة بالدخان الذي تؤذن سواطعه (4) بالنار الموقدة، وتجلى عن الجواحم (5) المتضرمة. ويقال: دخان ودواخن، وعثان (6)

(1) الهدنة: السكون، والدخن: الحقد، ومعنى هدنة على دخن: سكون على حقد، وفي القاموس: هدنة على دخن: سكون لغلبة لا لصلح اه‍. وهذه يكون الحقد دفينا فيها.
(2) الأقذاء جمع قذى: وهو ما يقع في العين فيقذيها، وفي الشراب فيفسده.
وأصل أقذاء: أقذاي، وقعت الياء بعد ألف أفعال فقلبت همزة. ومعنى جماعة على أقذاء: اجتماع على غير صفاء كإغماض العين على القذى.
(3) السلم: يذكر ويؤنث، ومن تأنيثه قوله تعالى: " وإن جنحوا للسلم:
فاجنح لها ".
(4) السواطع جمع ساطعة: أي المرتفعات من قطع الدخان، يقال سطع الغبار إذا ارتفع.
(5) الجواحم جمع جحيم: وهي النار الشديدة التأجج، والمتضرمة: الشديدة الاشتعال.
(6) العثان: الدخان، وقد قال في القاموس: الدخان: العثان.
(٢٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»
الفهرست