المجازات النبوية - الشريف الرضي - الصفحة ٣٨٨
على طريق الاتساع والمجاز (1).
304 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام " وقد سئل عن رجل كانت تحته امرأة فطلقها ثلاثا، فتزوجت بعده رجلا فطلقها قبل أن يدخل بها هل تحل لزوجها الأول؟ فقال عليه الصلاة والسلام: " لا، حتى يكون الآخر قد ذاق من عسيلتها (2)، وذاقت من عسيلته ". وهذه استعارة كأنه عليه الصلاة والسلام كنى عن حلاوة الجماع بحلاوة العسل، وكأن (3) مخبر المرأة ومخبر الرجل كالعسلة المستودعة في ظرفها، فلا يصح الحكم عليها إلا بعد الذوق منها. وجاء عليه الصلاة والسلام باسم العسلة مصغرا لسر لطيف في هذا المعنى، وهو أنه أراد فعل الجماع دفعة واحدة، وهو ما تحل المرأة به للزوج الأول، فجعل ذلك بمنزلة الذوق القابل من العسلة من غير استكثار منها ولا معاودة لاكلها، فأوقع التصغير على الاسم، وهو في الحقيقة للفعل وذلك بالعكس من التصغير في

(1) ما في الحديث من البلاغة:
في الحديث استعارتان تبعيتان في قوله حفت، وهما في الواقع استعارة واحدة، لان اللفظ المستعمل واحد ولكنه تكرر في موضعين، وذلك حيث شبه تقريب الطاعات للجنة، والطاعات مكاره، لان النفس تكرهها، لما فيها من الصعوبة عليها، وتقييد حريتها، بحقها بها، بجامع التقريب في كل، واشتق من الحف بمعنى التوصيل، حفت الجنة بمعنى توصل إليها على طريق الاستعارة التبعية.
(2) قال في القاموس: العسبلة، النطفة أو ماء الرجل أو حلاوة الجماع تشبه بالعسل للذته، وقد اختار الشريف المعنى الأخير.
(3) المخبر: اسم مكان أي مكان اختبار الرجل والمرأة.
(٣٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 ... » »»
الفهرست