سبحانه لم يحرم حرمة إلا وقد علم أنه سيطلعها منكم مطلع " (1) وهذا القول مجاز، وذلك أنه عليه الصلاة والسلام شبه ما حرمه الله تعالى من محارمه، ونهى عباده عن تقحمه (2) بالحمى الذي يحمى رعيه (3) ويمنع رعيه، وشبه عليه الصلاة والسلام المتعرض لحرمة من تلك الحرمات بمن هجم في الحمى مقدما، واطلع فجأة متقحما. وقد مضى الكلام على نظير هذا الخبر فيما تقدم من كتابنا هذا (4).
279 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام في كلام طويل ذكر فيه بني إسرائيل: " نهاهم علماؤهم عن المعاصي فلم ينتهوا فجالسوهم في مجالسهم، وواكلوهم وشاربوهم، فضرب الله قلوب بعضهم ببعض ولعنهم على لسان داود وعيسى بن مريم " فقوله عليه الصلاة والسلام: فضرب الله قلوب بعضهم ببعض كأنه تعالى خلطها بأن شهد على جميعها بالضلال، ولم يميز بين قلوب العلماء والجهال إذ كان الضلال شاملا لهم والغواية ضاربة بسياجها عليهم،