المجازات النبوية - الشريف الرضي - الصفحة ٢٣٣
بسم الله الرحمن الرحيم 189 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: " ما أذن (1) الله لشئ كأذنه لنبي يتغنى بالقرآن " وهذا القول مجاز، والمراد ما استمع الله لشئ كاستماعه لنبي يداوم تلاوة القرآن، فيجعله دأبه وديدنه، وهجيراه (2) وشغله، كما يجعل غيره الغناء مستروح (3) حزنه، ومستفسح قلبه، ليس أن هناك غناء به على الحقيقة. وهذا كما يقول القائل: قد جعل فلان الصوم لذته: والصلاة طربته، إذا أقامهما مقام شغل غيره باللذات، وطربه إلى المستحسنات. وقد قيل إن المراد بذلك تحزين القراءة ليكون أشجى للسامع، وآخذ بقلب العارف، فسمى هذه الطريقة غناء على الاتساع لأنها تقود أزمة القلوب، وتستميل نوازع النفوس. وإلى ذلك ذهب عليه الصلاة والسلام بقوله: " زينوا أصواتكم بالقرآن " في الحديث آخر.
وليس المراد بذلك تلحين القراءة وتطريبها، فإن الاخبار قد وردت بذم هذه الطريقة، حتى ذكر عليه الصلاة والسلام في أشراط الساعة أمورا عددها، ثم قال: وأن يتخذ القرآن مزامير. وقال بعضهم:

(1) أذن كفرح: استمع للشئ معجبا به والاذن كالفرح: الاستماع بإعجاب وعلى ذلك فتضبط " كأذنه " بفتح الهمزة والذال لا بكسر الهمزة وسكون الذال، خلافا لما ذهب إليه الأستاذ محمود مصطفى.
(2) الهجيري: العادة.
(3) المستروح: مصدر بمعنى الراحة والمستفسح مصدر بمعنى الفسحة.
(٢٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»
الفهرست