المجازات النبوية - الشريف الرضي - الصفحة ١٨٩
نسي ذكره، وانقطع خبره (1).
148 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: " الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة "، وهاتان استعارتان إحداهما:
قوله عليه الصلاة والسلام: " الصوم جنة ". والمراد أن الصائم الذي يخلص في صومه، ويستكمل آخر يومه يكون بالاخلاص في ذلك الصوم كأنه قد لبس جنة من العقاب، وأخذا أمانا من النار. وللصوم مزية على سائر العبادات في هذا المعنى، وإن كانت إذا أديت على شروطها بهذه الصفة. وذلك أن الصيام لا يظهر أثره بقول اللسان ولا فعل الأركان، وإنما هو نية في القلوب وإمساك عن حركات المطعم والمشرب. فهو يقع بين الانسان، وبين الله خالصا من غير رياء ولا نفاق، وسائر العبادات وضروب القرب والطاعات قد يجوز أن يفل على وجه الرياء والسمعة دون حقائق الاخلاص والطاعة، وقال لي أبو عبد الله محمد بن يحيى الجرجاني الفقيه: عند أصحابنا أن الصلاة أفضل من الصيام لأنها تتضمن ما في الصيام من الامساك، وفيها مع ذلك الخشوع وتلاوة القرآن، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: " لا يزال البدن في جهاد الشيطان ما دام في صلاته "،

(1) ما في الحديث من البلاغة:
في الحديث استعارة تبعية، حيث شبه ترك أمر الجاهلية نسيا بالأمانة بجامع عدم الأثر في كل، واستعار الإماتة للترك والنسيان، واشتق منها أمت بمعنى اترك على سبيل الاستعارة التبعية.
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»
الفهرست