السجود عليها، وتعفر الوجوه فيها، ويكون هذا القول أمر تأديب لا أمر وجوب، لان من سجد على جلدة الأرض ومن سجد على حائل بينها وبين الوجه واحد في إجزاء الصلاة، إلا أن مباشرتها بالسجود أفضل. وقد روى أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يسجد على الحمرة، وهي الحصير الصغير يعمل من سعف النخل، فبان أن المراد بذلك فعل الأفضل لا فعل الأوجب.
ومما يقرب شبها من هذا الخبر ما روى من قوله عليه الصلاة والسلام: " نعمت العمة لكم النخلة "، فكأنها لانتفاعهم بها، وتعويلهم على ثمرتها، قد قامت مقام القريبة الحانية، وذات الرحم المتحفية، ولم يجعلها عليه الصلاة والسلام بمنزلة الام للناس كما جعل الأرض في الخبر الأول، لأنهم في الحقيقة لم يخلقوا منها، ولم ينسبوا إليها، فجعلها من حيث الانتفاع بها بمنزلة أقرب الإناث القرائب من الانسان بعد اللاتي ولدنه واللاتي ولدهن هو، وتلك عمة الانسان وخالته، إلا أن أخت الأب أرفع منزلة من أخت الام، ولذلك جعلها عمة، ولم يجعلها خالة (1).