لا يوصف بالقرب من طريق الدنو بالمسافة، ولكن من حيث كان قريب الثواب من مستحقه، وداني الاحسان من راجيه ومؤمله، فكانت صفة القرب متعلقة بإحسانه وثوابه لا بنفسه وذاته. فأما قوله عليه الصلاة والسلام: ومن أقبل إلى الله ماشيا أقبل الله إليه مهرولا، فالمراد به أن من تقرب إليه سبحانه بطاعة، وإن فعلها بطيئا متضرعا، فإنه تعالى يجعل جزاءه عليها معدا مسرعا. فالمشي ها هنا كناية عن الطاعة المبطئة، والهرولة كناية عن المثوبة المسرعة.
فذكره عليه الصلاة والسلام على طريق ضرب المثل لفضل ما يفعله الرب تعالى على ما يفعله العبد، وإن كان لا يجب في كل طاعة أن يكون جزاؤها عاجلا، وثوابها مبادرا (1).
288 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: " ما للشيطان من سلاح أبلغ في الصالحين من النساء " وهذا القول مجاز، وذلك أنه عليه الصلاة والسلام أقام النساء لحكمهن على النفوس وتأثير هن في القلوب مقام السلاح للشيطان الذي يقارع به قلوب