يوم القيامة على مقدمتهم ويدخل النار قبلهم، كما كان في الدنيا متقدما لهم ومتقدما عليهم، وإنما عبر عليه الصلاة السلام عن هذا المعنى بحمل اللواء لان حامل اللواء في الجحافل المجرورة (1) يكون متقدما متبوعا ونابها مشهورا، يطأ الناس على قومه (2)، ويتلاحقون على آثار تقدمه (3).
114 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: " ما من جرعة يتجرعها الانسان أعظم أجرا عند الله من جرعة غيظ في الله "، وهذا القول مجاز، والمراد بجرعة الغيظ ها هنا الصبر عند الاهتياج، والكظم عند الانزعاج، وترك اتباع نوازع النفس، إلى ما تدعو إليه في تلك الحال من شفاء غيظ، أو تنفيس كرب، أو إطلاق عقال، أو فعل، مراقبة الله سبحانه، وتنجزا لثوابه، واحتجازا عن عقابه. وشبه عليه الصلاة والسلام تلك الحال بالجرعة، لان الانسان كأنه بالكظم لها والصبر عليها قد ضاق بها مرارة، وأساغ منها حرارة، وعلى ذلك قول الشاعر: