فكأنه عليه الصلاة والسلام قال: لا تذموا الذي يفعل بكم هذه الأفعال، فإن الله سبحانه وهو المعطى والمنتزع، والمغير والمرتجع والرائش (1) والهائض (2)، والباسط والقابض، وقد جاء في التنزيل ما هو كشف عن هذا المعنى وهو قوله تعالى: " وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون "، فصرح تعالى بذمهم على اعتقادهم أن الدهر يملكهم، ويعطيهم ويسلبهم، ودل بمفهوم الكلام على أنه سبحانه هو المالك للأمور، والمصرف للدهور (3).
191 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: " الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة ". وهذه استعارة. وذلك أنهم يقولون هذه غنيمة باردة إذا حازوها، من غير أن يلقوا دونها حر السلاح وألم الجراح، لأنه ليس كل الغنائم كذلك، بل في الأكثر لا تكاد تنال إلا باصطلاء نار الحرب ومألم (4) الطعن والضرب، فكأنه