كأنه جعله وسدا لخده وفراشا لجنبه. ومما يقوى هذا الوجه ما روى من قوله عليه الصلاة والسلام، في حديث آخر: " يأهل القرآن لا توسدوا القرآن واتلوه حق تلاوته ".
وأما المعنى الآخر الذي يحتمل الذم: فهو أن يكون المراد أنه غير حافظ للقرآن فليس بخازن من خزنته، ولا وعاء من أوعيته، فإذا نام لم يكن متوسدا له كما يتوسده من هو ظرف من ظروفه الحاوية له والمشتملة عليه. ومثل ذلك ما روى عن أبي الدرداء أنه قال لرجل سأله عن طلب العلم: " لان تتوسد العلم خير من أن تتوسد الجهل ". أراد لان تنام ومعك العلم خير من أن تنام ومعك الجهل، فجعل العلم كالفراش الممتهد (1)، والوساد المتوسد (2).
22 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام، في كلام للأنصار: " أنتم الشعار، والناس الدثار (3) ". وهذا مجاز، لأنه عليه الصلاة والسلام أراد أنكم أقرب الناس منى، وأشدهم اشتمالا علي، فأنتم لي كالشعار، وهو الثوب الذي يلي بدن الانسان،