المجازات النبوية - الشريف الرضي - الصفحة ٩٤
عليها ملبسا (1).
61 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: " كل هوى شاطن في النار " وهذا مجاز، لأنه وصف الهوى بالشطون وهو العبد، وأراد به تباعد صاحبه عن الرشد، وتراميه إلى الغي. وقال أبو عبيدة:
الشاطن هاهنا المعوج عن الحق، والهوى على الحقيقة ليس بجسم فيوصف بالقرب والبعد والزوال واللبث. وسمى الشيطان شيطانا لأنه شطن عن أمر ربه أو أبعد في مذاهب غيه، ومنه قيل نوى شطون ومن ذلك سمى الحبل شطنا لأنه يبلغ القعر العميق، والماء البعيد.
وفي هذا الخبر أيضا مجاز آخر، وهو أنه عليه الصلاة والسلام جعل الهوى الشاطن في النار، ومراده صاحب الهوى الشاطن، وهو الذي يمتد به هواه فيقذفه في المضال ويحمله على المزال. ونظير هذا: الخبر الآخر، وهو قوله عليه الصلاة والسلام: " عليكم بالصدق فإنه مع البر، وهما في الجنة، وإياكم والكذب فإنه مع الفجور،

(1) الملبس: اللباس، جعل الشريف لفظ السهر كأنما ألبسه المعنى المراد، وهو دوام جريان العين.
ما في الحديث من البلاغة:
فيه استعارة تبعية، حيث شبه دوام جريان الماء وعدم انقطاعه بالسهر بجامع عدم الانقطاع في كل، واشتق من السهر بمعنى عدم الانقطاع، ساهرة بمعنى غير منقطعة على طريق الاستعارة التبعية.
(٩٤)
مفاتيح البحث: الصّلاة (3)، اللبس (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»
الفهرست