استعارة والمراد، بالشاهد هاهنا النجم، والعرب يسمون الكوكب شاهد الليل، كأنه يشهد بإدبار النهار وإقبال الظلام. وكل شئ يدل على شئ فهو يجرى مجرى الشاهد به والمخبر عنه، إذ ليس كل دال بإنسان، ولا كل دليل من جهة اللسان (1).
351 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: " وأي داء أدوى (2) من البخل "، وهذا القول مجاز، لان البخل على الحقيقة ليس بداء، ولكنه لما كان عادة مكروهة، وخليقة مذمومة، أجرى مجرى الداء الذي يغير الصحة، ويفسد الجبلة، إلا أنه داء يمكن الانتقال عن صحبته، وحمل النفس على مفارقته، لأنه لو لم يكن كذلك لما حسن الذم عليه والتعيير به، كما لا يحسن الذم على سائر الأمراض التي تغير الأحوال وتفسد الأجسام، والبخل على الحقيقة هو منع الواجب، وكل من منع الواجب يوصف بالخبل، ومن منع التفضل لا يوصف بذلك إلا على سبيل المجاز، وكل ما في القرآن من ذكر البخل، فإنما يراد به منع الواجب، كما أن كل ما فيه من