ما فيها من الأشربة (1) المطلقة غير الممنوعة، والمباحة غير المحظورة، وموضع المجاز قوله عليه الصلاة والسلام: إلا من أوكى سقاءه على إثم. يقول: إلا من ربط سقاءه على مشروب محرم فإن ذلك خارج من باب الاطلاق والإباحة، وداخل في باب الحظر والكراهة، وأراد عليه الصلاة والسلام إلا من أوكى سقاءه على مشروب يؤدى إلى الاثم، فأقام الاثم مقامه لأنه عاقبة أمره، ووبال فعله (2).
303 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: " حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات ". وهذا القول مجاز، والمراد أن جميع الأفعال التي توصل إلى الجنة يتجشم فعلها على الكره والمشقة، لان طريقها وعر، ومذاقها مر. فلما كانت الطرق المفضية إلى الجنة كلها كما ذكرنا شاقة المسالك، صعبة على السالك، حسن أن يقال: الجنة حفت بالمكاره على طريق المجاز، وسعة الكلام، ولما كانت الافعال المفضية إلى دخول النار في الأغلب الأكثر كثيرة الملاذ ملائمة للطباع، لا تؤتى من طريق مشقة ولا يقرع لها باب كلفه، حسن أن يقال إن النار حفت بالشهوات