القلوب بالأوعية، وهي الظروف والعياب (1) التي تحرز فيها الأمتعة وغيرها من الأشياء المحفوظة، وهي كالآنية لايداع الأشياء المائعة، إلا أن الأوعية تختص بالجامدات، كما أن الآنية تختص بالمائعات. فالقلب من حيث حفظ ووعى، كالوعاء من حيث جمع وأوعى، وربما نسب هذا الكلام إلى أمير المؤمنين عليه السلام على خلاف في لفظه، وقد ذكرناه في جملة كلامه، لكميل بن زياد النخعي في كتاب نهج البلاغة (2).
308 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: " ما يخرج رجل شيئا من الصدقة حتى يفل (3) عنه لحى (4) سبعين شيطانا "، وهذا القول مجاز، والمراد تعظيم الامر في مجاهدة الانسان نفسه عند إخراج الصدقة لشدة تتبع النفس لها، وكثرة الصوارف عنها، ووساوس الشيطان بما يقتضى الامتناع منها، فإذا غلب الانسان باخراجها نوازع جنانه (5)، ونوازغ شيطانه، كان كأنه قد افتلها (6) من أيدي الجاذبين، وفل عنها لحى الشياطين، وإنما ذكر عليه الصلاة