190 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: " لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر ": وهو مجاز. وذلك أن العرب كانت إذا قرعتها القوارع ونزلت بها النوازل، وحطمتها السنون الحواطم، وسلبت كرائم أعلاقها من مال مثمر، أو ولد مؤمل، أو حميم (1) مرجب. ألقت الملاوم على الدهر، فقالت في كلامها وأسجاعها، وأرجازها وأشعارها، استقاد (2) منا الدهر:، وجار علينا الدهر، ورمانا بسهامه الدهر، كقول القائل منهم وهو عدى بن زيد.
ثم أمسوا لعب الدهر بهم * وكذاك الدهر يودى (3) بالرجال وكقول الآخر:
* أكل الدهر عليهم وشرب * وكقول الآخر:
* والدهر غيرنا وما يتغير * والاشعار في ذلك أكثر من أن نحيط بها، أو نأتى على جميعها.