215 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: " كلكم بنو آدم طف (1) الصاع لم تملؤوه، وليس لاحد على أحد فضل إلا بالتقوى " في حديث طويل، فقوله عليه الصلاة والسلام:
" طف الصاع " ها هنا استعارة. والمراد أن كل من كان من ولد آدم عليه الصلاة والسلام، فهو ناقص لا يوصف بالتمام، ولا يعطى مزيد الكمال، وإنما يتفاضل الناس بأعمالهم، ويفضلون بكثرة فضائلهم.
وإنما يوصف الانسان بأنه فاضل إذا أضيف إلى الناقص، وإلا فلا بد من نقائص تتخلل فضائله، ومساو (2) تتوسط محاسنه. إما بأن يكون فاضلا في حال، وناقصا في حال، وإما بأن يكون قاصرا عما فوقه، وزائدا على من دونه. وقوله عليه الصلاة والسلام: " طف الصاع لم تملؤوه " من العبارات العجيبة عن هذا المعنى، يريد أن كلكم قاصر عن غاية الكمال، تشبيها بطف المكيال، وهو أن يقارب الامتلاء من غير أن يمتلئ. يقال: طف المكيال وطفافه إذا أريد به هذا المعنى، وهو ضد الطلاع (3) والطفاح، لان هاتين اللفظتين