في المهاوي، فيلغ في الدماء الحرام، ويحتطب في حبائل الآثام، ويشرع في نقل النعم من أماكنها، وإزعاجها عن مواطنها. فيكون عقاب هذه المحظورات محبطا لحسناته، ومسقطا لثواب طاعاته، على المذهب الذي أشرنا إليه فيما تقدم. فيصير الحسد الذي هو السبب في استحقاق العقاب، وإحباط الثواب كأنه يأكل تلك الحسنات، لأنه يذهبها ويفنيها، ويسقط أعيانها ويعفيها. وإنما شبهه عليه الصلاة والسلام في أكله الحسنات بالنار التي تأكل الحطب، لان الحسد يجرى في قلب الانسان مجرى النار لاهتياجه، واتقاده وإرماضه (1) وإحراقه. ومن هناك قال بعضهم: ما رأيت ظالما أشبه بمظلوم من الحاسد، نفس يتصعد، وزفير يتردد، وحزن يتجدد (2).
180 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام في عهد كتبه لعماله على اليمن: " فإن هذا القرآن حبل الله المتين، فيه إقامة