94 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام للرجل الذي قال لبعض الصحابة: إن فتح الله عليكم الطائف فسل النبي عليه الصلاة والسلام أن يهب لك نادية بنت غيلان بن سلمة، فإنها إذا قامت تثنت، وإذا تكلمت تغنت، في كلام طويل بلغه عليه الصلاة والسلام عنه، وكان هذا الرجل من مخنثي المدينة، فقال عليه الصلاة والسلام: " لقد غلغلت النظر يا عدو الله "، وفي هذا الكلام استعارة، لان غلغلة الشئ هو إدخاله في شئ حتى يلتبس به ويصير من جملته، وذلك لا يصح في نظر الانسان إلا عن طريق الاتساع والمجاز، فكأنه عليه الصلاة والسلام أراد أن هذا الانسان بلغ بنظره من محاسن هذه المرأة إلى حيث لا يبلغ ناظر ولا يصل واصل، فكان كالشئ المتغلغل الذي يدق مدخله ويلطف مسلكه ويبعد متولجه (1). وروى لنا أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار النحوي الفارسي في كتابه الموسوم بالايضاح إجازة، وأنشدناه الشيخان أبو الفتح وأبو الحسن النحويان ملافظه قول الشاعر:
طلين بكديون وأشعرن كرة * فهن إضاء صافيات الغلائل (2)