270 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: " من سره أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد " وهذه استعارة، والغض في كلامهم صفة للثمر، أو النبت الذي لم يطل مكثه؟؟ بعد مجتناه، فيؤثر فيه الزمان، ويدخله التغيير والفساد.
ويقولون: غض وغضيض بمعنى واحد، والغضيض أيضا عندهم اسم من أسماء الطلع، فأراد عليه الصلاة والسلام أن من يأخذ القرآن عن ابن أم عبد، وهو عبد الله بن مسعود رحمة الله عليه، أو يسلك في القراءة نهجه، ويطلع فجه (1) فقد أخذه سليما من الفساد والتغيير، وبريئا من التحريف والتبديل، فهو كالنبات الغض لم يطل عهد جانيه، ولا دب الفساد فيه (2). وقد روى هذا الخبر على وجه آخر، وهو قوله عليه الصلاة والسلام: من سره أن يقرأ القرآن رطبا كما أنزل. والمعنى في الروايتين واحد، وروى أبو هريرة: من أحب أن يقرأ القرآن غريضا كما أنزل، والغريض: الطري، وهو أيضا في معنى الروايتين الأوليين (3).