المجازات النبوية - الشريف الرضي - الصفحة ٣٠٥
المجاز من هذا الكلام قوله عليه الصلاة كأنها صياصي، لأنا قد ذكرنا فيما تقدم أن دخول كاف التشبيه في الكلام يخرجه من باب المجاز (1)، ولكن الموضع الذي يكون فيه هذا القول من حيز المجازات قوله عليه الصلاة والسلام في فتن تنجم من أطراف الأرض، فجعلها بمنزلة النبات الذي يكون خافيا فيظهر، والقرون الناشئة التي تكون صغارا فتكبر (2).
231 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام في حديث يذكر فيه أشراط الساعة: " فعند ذلك تقئ الأرض أفلاذ كبدها "، وهذه من الاستعارات العجيبة، لأنه عليه الصلاة والسلام شبه الكنوز التي استودعتها بطون الأرض بأفلاذ الكبد، وهي شعبها وقطعها، لان شعب الكبد من شرائف (3) الأعضاء الرئيسة

(1) هذا الرأي خاص بالرضى كما ذكرنا في المقدمة، فإنه يجعل التشبيه البليغ مجازا، وتارة يسميه استعارة، فإذا دخل فيه أداة التشبيه جعله تشبيها، ولكن الاصطلاح البلاغي أن التشبيه الخالي من الأداة والوجه تشبيه بليغ، والذي فيه الأداة تشبيه مرسل، والذي فيه الأداة والوجه تشبيه مبتذل.
(2) ما في الحديث من البلاغة:
في الحديث استعارة تبعية وتشبيه مرسل، أما الاستعارة فحيث شبه ظهور الفتنة في أطراف الأرض بنجوم النبات منها، أي ظهوره بعد أن كان مخبوءا تحتها، بجامع الظهور بعد الخفاء في كل، واشتق من نجم بمعنى ظهر، تنجم بمعنى تظهر على طريق الاستعارة التبعية، وأما التشبيه المرسل: فهو تشبيه الفتن بصياصي البقر، وذكر أداة التشبيه وهي كأن.
(3) شرائف: جمع شريفة.
(٣٠٥)
مفاتيح البحث: الصّلاة (4)، الإخفاء (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 ... » »»
الفهرست