وهذه أيضا استعارة، وذلك كقول القائل: قد عضني الدهر: إذا أثرت فيه نوائبه، واشتدت عليه مصائبه، فوصف هذا الملك بالعضاض، لتأثيره في الناس بوقائع الغشم (1)، وقوارع الظلم. وقد جاء في أشعارهم من ذكر عض الزمان وعض الأيام، ما هو أشهر من أن يتكلف التنبيه عليه، والايماء إليه (2).
241 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: " الصوم جنة (3) ما لم يخرقها " (4) وهذه استعارة وذلك أنه عليه الصلاة والسلام شبه الصوم الذي يجن صاحبه من لواذع العذاب، وقوارع العقاب، إذا أخلص له النية أصلح فيه السريرة، فجعل عليه الصلاة والسلام من اعتصم في صومه من الزلل، وتوقى جرائر القول والعمل، كمن صان تلك الجنة وحفظها، وجعل من أتبع نفسه هواها، وأوردها رداها، كمن خرق تلك الجنة وهتكها، فصارت بحيث لا تجن من جارحة، ولا تعصم من جانحة (5)، وذلك من أحسن التمثيلات،