تمسك الرمق، وتقيم الأود (1)، دون المآكل التي يقصد بها وجه اللذة، ويقضى بها حق الشهوة، فكأنه يأكل في معاء واحد لفرط الاقتصار، وكراهة الاستكثار. و أما الكافر: فإنه لتبحبحه في المآكل، وتنقله في المطاعم، وتوخيه ضد ما يتوخاه المؤمن من إحراز حطام الدنيا التي يطلب عاجلها ولا يأمل آجلها، فهو عبد فيها للذته، وكادح في طاعة شهوته، كأنه يأكل في سبعة أمعاء، لان أكله للذة لا للبلغة، وللنهمة لا للمسكة (2).
292 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: " جيئوا بكبش أقرن يطأ في سواد وينظر في سواد " في حديث طويل، " فأتى به فضحى به وذبحه بيده ". وهذه استعارة. والمراد بقوله عليه الصلاة و السلام: يطأ في سواد أن أظلافه سود، فكأنه يطأ منها في سواد: أي ليس بينه وبين الأرض منها إلا ما هو أسود،