178 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام وقد سمع مؤذنا يقول: " أشهد أن لا إله إلا الله فقال: صدقك كل رطب ويابس "، وهذا الكلام مجاز، لان الرطب واليابس من الشجر والأعشاب والماء والتراب لا كلام لهما، ولا روح فيهما، وإنما أراد عليه الصلاة والسلام أن تصديقهما بلسان الخلق لا بلسان النطق فجميع المخلوقات شاهدة بأن لا إله إلا الله سبحانه بما فيها من تأثير الصبغة (1) وإتقان الصنعة، وشواهد الصانع الحكيم، والمقدر العليم، فهي من هذه الوجوه متكلمة، وإن كانت خرساء ومفصحة وإن كانت عجماء. وعلى هذا المعنى خرج قول الشاعر:
وفى كل شئ له آية * تدل على أنه واحد (2) 179 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: " الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب "، وهذه استعارة، والمراد أن الحسد يخرج بصاحبه إلى الاقدام على المعاصي، والارتكاس