المجازات النبوية - الشريف الرضي - الصفحة ٣٠
11 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام لحادي مطيه:
" يا أنجشة؟؟ (1) رفقا بالقوارير " وهذه استعارة عجيبة، لأنه عليه الصلاة والسلام شبه النساء في ضعف النحائز (2) ووهن الغرائز (3) بالقوارير (4) الرقيقة التي يوهنها الخفيف، ويصدعها اللطيف، فنهى عن أن يسمعهن ذلك الحادي ما يحرك مواضع الصبوة، وينقض معاقد العفة. وقد حمل بعض العلماء قوله تعالى: " قوارير من فضة قدروها تقديرا " على أن المراد به غير الزجاج ها هنا. والقارور: فاعول من استقرار الشئ فيه، فكأنه قرار للشراب وغيره من المائعات، فيصلح أن يكون للزجاج ويكون لغير الزجاج. وأما عامة المفسرين فيذهبون إلى أن تلك الآنية الموصوفة من فضة ولكنها تشف شفيف القوارير من الزجاج (5)، فهو أعجز لتصويرها وأعجب لتقديرها، إذ كانت جامعة للرقة اللطيفة، والقوة الحصيفة.

(1) أنجشة مولى النبي صلى الله عليه وسلم أي عبده وخادمه، وحادي مطيه أي الذي يغنى للإبل أثناء سيرها حتى يسهل عليها السير ويخف عنها التعب.
(2) النحائز: جمع نحيزة وهي الطبيعة، أي شبه النساء في ضعف الطبائع.
(3) الغريزة: الطبيعة.
(4) القوارير جمع قارورة: وهي ما قر فيه الشراب ونحوه سواء كان من الزجاج أو من غيره، وقيل مخصوص بالزجاج ويجب حمله هنا على ما كان من الزجاج لأنه الذي يشينه أدنى خدش، ويغشيه أرق مس.
(5) وقال بعض المفسرين: إنها من زجاج في بياض الفضة وصفاء الزجاج.
ما في الحديث من البلاغة:
استعمال القوارير في النساء استعارة تصريحية والقرينة أنه لا شراب، ولا إناء ولا زجاج، وقد أوضح الشريف وجه الشبه.
تخريج الحديث:
هذا الحديث أخرجه أحمد بن حنبل والبخاري ومسلم والنسائي عن أنس بلفظ " يا أنجشة رويدك سوقك بالقوارير " وأخرجه الطيالسي بلفظ " يا أنجشة ويحك ارفق بالقوارير ".
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»
الفهرست