كما جاء في التنزيل " فكبكبوا فيها هم والغاوون (1) "، والمراد فكبوا، فيجوز على هذا أن يقال: جر وجرجر، كما يقال كب وكبكب. وإن كان الوجه أن يقال: وقد جاء في كلام العرب: جرجر فلان الماء إذا جرعه متواترا (2)، له صوت كصوت جرجرة البعير. فيكون المراد على هذا القول كأنما يتجرع نار جنهم، وهذا أصح التأويلين. فأما آنية الذهب والفضة فلا يحل عندنا الاكل فيها ولا الشرب منها، ولا يجوز أيضا استعمالها في شئ مما يؤدى إلى مصالح البدن نحو الادهان واتخاذ الميل (3) للاكتحال والمجمر للبخور (4).
وكنت سألت شيخنا أبا بكر محمد بن موسى الخوارزمي رحمه الله عند انتهائي في القراءة عليه إلى هذه المسألة من كتاب الطهارة، عن المدخنة، إذ لا خلاف في المجمرة، فقال: القياس أنها غير مكروهة، لأنها تستعمل على وجه التبع للمجمرة، فهي غير مقصودة بالاستعمال، لان المجمرة لو جردت من غيرها في البخور لقامت بنفسها، ولم تحتج إلى المدخنة مضافة إليها، فأشبهت الشرب في الاناء المفضض إذا لم يضع فاه على موضع الفضة.