الصلاة والسلام الاسلام بالرحا الساكنة في مستقرها، القائمة على قطبها، فإذا كان الوقت الذي وقع الايماء إليه دارت دور هرج واضطراب، لا دور قوة واستتباب، ودور الرحا يكون عبارة عن حالين مختلفين: إحداهما مذمومة، والأخرى محمودة: المذمومة هي الحال التي بنى الخبر عليها، وعلى ذلك كان قول عثمان بن حنيف (1) الأنصاري رحمه الله يوم الجمل، وكان في حيز أمير المؤمنين علي عليه السلام، وقد رأى استحرار القتل واستلحام الامر: دارت رحا الاسلام ورب الكعبة، أراد أن الناكثين بيعة أمير المؤمنين عليه السلام وهم أصحاب الجمل قد أزعجوا الاسلام عن مناطه، وأزحفوه عن قراره. وأما الحال المحمودة، فهي أن يكون دور الرحا عبارة عن تحرك جد القوم، وقوة أمرهم، وعلو نجمهم، يقال: دارت رحا بنى فلان، إذا اتفقت لهم هذه الأحوال المحمودة. ومن هذا القبيل أيضا العبارة بدوران الرحا عن هزم عسكر لعسكر، وكسر فيلق لفيلق. قال الشاعر:
طحنت رحا بدر لهلك فتية * ولمثل بدر تستهل (2) الأدمع فهذه حال كان دور الرحا فيها محمودا لمن دارت له، ومذموما