كلمة حول الفقهاء لا يزال علمائنا الإمامية كانوا حافظين للمذهب الحق بجميع شؤونه من ضبط الأحاديث والآثار المنقولة عن أهل بيت الوحي المشتملة على فنون العلوم المحتاج إليها الناس في أمر دينهم من الاعتقاديات وغيرها ولا سيما ما اشتمل منها على الأحكام الفقهية في الحلال والحرام فقد شمر جم غفير منهم في زمن الغيبة لاستنباطها منها كابن أبي عقيل العماني وأحمد بن الجنيد الإسكافي المعبر عنهما ب (القديمين) وعلي بن بابويه القمي وابنه محمد بن علي المعبر عنهما ب (الصدوقين) ومحمد بن محمد بن النعمان الملقب بالمفيد وتلميذه شيخ الطائفة الإمامية الشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي المعبر عنهما ب (الشيخين) والسيد المرتضى علم الهدى والسيد أبي المكارم ابن زهرة المعبر عنهما ب (السيدين) والشيخ أبي القاسم جعفر بن سعيد المشتهر ب (المحقق) على الإطلاق ونظرائهم - فكم تركوا من الآثار الحديثية وكم حققوا في العلوم العقلية والنقلية وكم ألفوا من الكتب الفقهية إلى أن وصلت النوبة إلى شمس فلك الفقاهة الإمام الهمام أول من لقب من بين فقهائنا العظام بآية الله الملك العلام ووصف على الإطلاق بكونه علامة الدهر في الأنام أبي منصور (الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي) أعلى الله مقامه الشريف فكم له من تأليف رشيق في العلوم العقلية و النقلية من كلام وحكمة وتفسير وحديث وفقه وأصول وسائر أنواع العلوم فهو كما في (الروضات) و (الكنى والألقاب) علامة العالم وفخر نوع بني آدم أعظم العلماء شأنا وأعلاهم برهانا سحاب الفضل الهاطل وبحر العلم الذي ليس له ساحل جمع من العلوم ما تفرق في الناس وأحاط من الفنون بما لا يحيط به القياس رئيس علماء الشيعة ومروج المذهب والشريعة صنف في كل علم كتابا وآتاه الله من كل شئ سببا قد ملأ الآفاق بمصنفاته وعطر الأكوان بتأليفاته انتهت إليه رياسة الإمامية في المعقول و المنقول والفروع والأصول (انتهى موضع الحاجة) وكتبه الفقهية وإن كان كلها رشيقة مشتملة على فروع كثيرة والمزايا التي لا يحتويها كتب آخرين إلا أن كتابه (القواعد) من بين كتبه كان له بعض ما ليس للآخر منها، لاشتماله على كثرة الفروع
(مقدمة المعلقين ٨)