بسمه تعالى الحمد لله على أفضاله ونواله، والصلاة والسلام على مقدام أنبيائه وقدوة أصفيائه وعلى عترته وآله البررة الميامين سيما ابن عمه ووارث علمه علي أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين واللعنة على أعدائهم أجمعين.
وبعد لا يخفى على من ألقى السمع وهو شهيد، إن من أشرف العلوم قدرا، وأرفعها شأنا وخطرا، بعد العلم بالمعارف الإلهية، والأصول الاعتقادية، هو العلم بالأحكام الشرعية تكليفية ووضعية، إباحية وحظرية وكيف لا وفي العمل بها النيل بسعادة النشأتين والفوز بما تقر به العين وكفى في الحث على تعلمها ما ورد عن ساداتنا الميامين من الأمر بالتفقه في الدين، ولمكان تلك الأهمية توجهت إلى تحصيلها همم رجالات الفضل وفطاحل المسلمين سيما معاشر أصحابنا شيعة آل الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله فلا تسئل أيها القارئ الكريم عما ركبوا من نياق المشاق، وجالوا في المفاوز والسباسب أتعبوا نفوسهم الزكية، بذلوا النفس والنفيس، سهروا الليالي وأكدوا الأيام بالمطالعة فيها والمذاكرة، والتأليف والتصنيف، والتحبير والترصيف، بالسنة شتى، وسلق وأذواق متشعبة، بين ماتن وشارح، ومحشى ومعلق، فهم المقدمون على من سواهم من أهل القبلة في هذا المضمار، أخذوا السبق في السباق، فأصبحت جياد أقلامهم من المصليات والمجليات فلله تعالى درهم وعليه أجرهم حيث بذلوا الوسع، ولم يألوا الجهود في هذا الشأن فشكر الباري سبحانه مساعيهم الجميلة وجهودهم الجهيدة، ووفقنا لأداء حقوقهم والتأسي بهم آمين آمين.
ومن فرسان هذا التجوال وكبوش كتيبته هو العلم العيلم، والحبر البحر الخضم، فخر المحققين، ومقدام المدققين، نبراس الفقهاء الراشدين، ومصباح المجتهدين، حلال عقد الفقه بأفكاره الرشيقة، وموضح عوائصه وشوارده بأنظاره الدقيقة، إمام أئمة الاستنباط في عصره وقدوة أرباب رد الفروع إلى الأصول في زمانه ومصره، ناطورة الفضل وباقعة العلم والتقى، الشيخ أبو طالب فخر المحققين المتوفى سنة 771 ابن العلامة الحلي آية الله في الآفاق، فحل العلوم وعيبة الفضائل مولانا