وقيمة هذا الذي يريد أن يؤدي به التالف ويدفعه إلى مالك من وقع التلف على ماله.
وهذا القيد لا يخلو من وجه، لما سنذكره إن شاء الله تعالى.
والتحقيق في هذا المقام هو أن الضمان مطلقا - سواء كان سببه الاقتراض، أو اليد غير المأذونة من قبل المالك، أو من هو بمنزلة المالك، أو كان إتلاف مال الغير، أو كان غير ذلك من الأسباب المعروفة المعلومة - عبارة عن اشتغال الذمة بمال الغير وحقه، فيجب عليه أداؤه ورده إلى صاحبه بحيث يكون ما يؤدي ويفرغ به ذمته عرفا هو عين ما في عهدته ويقال هو هو.
وحيث أن في مورد التلف لا يمكن رد ذلك الذي كان تحت يده الغير مأذونة أو الغاصبة، فلابد أن يكون الهوهوية بين ما يرد ويؤدي وبين ما كان تحت يده هو هوية عرفية لا حقيقية، فلابد أن يكونا متساويين في صفاتهما النوعية والصنفية التي لها مدخلية في القيمة باختلافها، وذلك من جهة أن عمدة النظر في أبواب الضمان إلى حفظ مالية مال المضمون له بعد تعذر رد عين ماله، أو عدم إمكانه لتلفه.
والقرض حيث أن بناء الطرفين المتعاملين - أي المقرض والمقترض - على استهلاك المال الذي يقترضه فمن أول الأمر بناؤهما على رد ما هو عوض ما أخذ، وإن كان يلزم أن يصدق عليه رد ما أخذه، بحيث يقال عرفا إنه هو، ويكون بين ما أخذ وما يرد الهوهوية العرفية، فلابد وأن يكونا متحدين في المهية النوعية والصفات الصنفية التي لها دخل في المالية. وأما الخصوصيات الشخصية فتلفت بتلف الشخص ولا يمكن ردها.
ففي كل مورد وقع التلف على المقبوض الذي في ضمان القابض يجب عليه رد ما قبض، ولكن حيث لا يمكن رد عين ما قبض لتلفه أو من جهة بناء الطرفين على استهلاكه وقضاء حاجته به، فلابد أن يرد ما هو أقرب إلى التالف بعد حفظ ماليته أن يكونا متحدين في المهية النوعية والصفات الصنفية، وكل ماله دخل في