وهذه الروايات وإن كان أكثرها يمكن المناقشة في دلالتها على وجوب التوبة ولكن يستفاد من المجموع أن الله تبارك وتعالى لا يرضى بتركها، وهذا ملازم مع الوجوب.
هذا، مع أن بعضها - كرواية علي بن موسى بن طاووس في مهج الدعوات - ظاهرة في الوجوب، لمكان قوله صلى الله عليه وآله فيها " وتوبوا إلى الله من جميع ذنوبكم "، والامر ظاهر في الوجوب، خصوصا مع تأييد هذا الظهور بالآيات الظاهرة في الوجوب، والاجماعات المدعاة في المقام، والأدلة العقلية التي سنذكرها إن شاء الله تعالى.
وأما الاستدلال على وجوبها بالاجماع: فقد حكي عن كثير، وحكى الشيخ الأعظم الأنصاري 1 عن شارح أصول الكافي ادعاء إجماع الأمة عليه.
ونحن لم نجد مخالفا في أصل الوجوب. نعم هنا وقع خلاف في أن وجوبها هل هو ارشادي أو مولوي، وسنتكلم فيه إن شاء الله تعالى.
ولكن الكلام في حجية مثل هذا الاجماع الذي يمكن كون اتكاء المجمعين على الآيات والروايات الكثيرة، أو الأدلة العقلية التي سنذكرها إن شاء الله تعالى.
هذا، مضافا إلى الاشكال العقلي سنذكره في كون وجوبها شرعيا مولويا، فلا يبقى مجال للتمسك بالاجماع أصلا.
وأما الأدلة العقلية: على وجوبها، فهي من وجوه:
الأول: لزوم دفع الضرر المحتمل بحكم العقل، ولا شك في أن في ترك التوبة احتمال ضرر عظيم، وهو عذاب الله الشديد الأليم الذي تطول مدته ويدوم بقاؤه ولا تطيقه السماوات والأرضون، لأنه من غضب الله وانتقامه.