فرع: لا يجوز للمستعير إعارة العين المستعارة إلا بإذن المالك، لما بينا من شرائط المعير أن يكون مالكا للمنفعة، إما بتبعيتها لملك العين التي لها المنفعة، وإما باستئجاره لتلك العين وعدم اشتراط المؤجر عليه المباشرة في الانتفاع. وأما الإعارة فلا توجب إلا إباحة الانتفاع للمستعير، أو من تشمله من أهله وتابعيه عرفا، ولا يصير المستعير مالكا للمنفعة بالعارية، فليس له إباحة غيره.
فرع: لو أذن مالك الأرض في غرس شجرة فانقلعت، أو بناء دار فانهدمت بسبب من الأسباب، فهل يجوز له غرس شجرة أخرى، أو بناء دار أخرى من دون إذن جديد باستصحاب الاذن الأول، أو يحتاج إلى تحصيل إذن جديد؟
الظاهر هو الثاني، إلا أن تكون قرينة في البين على أن إذنه الأول ليس مخصوصا بالأول. ولكن هذا خارج عن الغرض.
وأما الاستصحاب فلا مورد له هاهنا، لأنه صدر من المالك إذن شخصي في مورد خاص، وارتفع ذلك الاذن قطعا، فلا شك كي يستصحب، وذلك من جهة أنه لو كان إذنه متعلقا بشجرة معينة، فلا كلام في أن فردا آخر من تلك الطبيعة غير ذلك الفرد، وأما لو كان إذنه متعلقا بصرف الوجود من تلك الطبيعة، فقد حصل ولا يبقى محل لايجاده ثانيا، بل هو من تحصيل الحاصل المحال، لأنه وجد المأذون وانعدم.
وهذا كما أنه لو قال المالك: أذنت لك في أكل رمانة من هذا البستان، وفيه آلاف من تلك الطبيعة، ولكن لو أكل واحدا منها ليس مأذونا في أكل ما عداه، وكذلك الامر فيما نحن فيه.
نعم لو أذن له في غرس شجرة فغرس، ولكن بعد مدة طويلة أو قصيرة انقلعت لهواء خارق، لا يبعد جواز إرجاعه إلى مكانه من دون الاحتياج إلى تحصيل إذن