تعيين الحلف لكونه ميزانا له من باب أخف الميزانين تسهيلا ومن باب مراعاته، لكون قوله مطابقا للحجة الفعلية. فعلى الأول لا أثر لبينته، وعلى الثاني يثبت قوله مع البينة بطريق أولى.
والظاهر هو أن الحق هو الثاني وأن جعل الحلف ميزانا للمنكر لأجل التأكيد من البراءة، وعدم اشتغال ذمته بما يدعيه المدعى عليه، وإلا فالحجة الفعلية التي كان قوله مطابقا معها كانت كافية في براءة ذمته، وحصول التأكيد بالبينة أقوى، لان كثيرا من الناس في مقام جلب النفع أو دفع الخسارة لا يحترزون عن الحلف الكاذب.
الفرع الرابع: قال في الشرائع: لو قطع الخياط قباء، فقال المالك: أمرتك بقطعه قميصا، فالقول قول المالك مع يمينه. وقيل: القول قول الخياط، والأول أشبه. 1 أقول: وجه كون القول قول المالك في إنكاره الامر أو الاذن بقطعه قباء هو أصالة عدم الامر أو الاذن بقطعه قباء، فيكون المالك منكرا في دعوى الخياط إن قطعه بأمر المالك أو إذنه، فعليه اليمين. ولا يستحق الخياط أجرة بل عليه أرش قيمة الثوب لو حصل فيه أرش.
وليس له نقضه إن كانت الخيوط التي خاط بها القباء لمالك الثوب إلا بإذنه، وأما لو كانت الخيوط له فالظاهر أن له استخلاص ماله وجره من القباء، مع ضمانه للنقص الحاصل في الثوب من ناحية جر الخيوط، فالخياط ضامن لحصول كلا النقصين وللأرش الحاصل بسببهما في الثوب، أي النقص الحاصل بسبب الفصل والخياطة، والنقص الحاصل بسبب النقص وجر الخيوط إن حصل نقص من ناحية الخياطة أو من ناحية النقض.
هذا بالنسبة إلى دعوى الخياط صدور الإذن أو الامر من طرف المالك بقطعه