وخلاصة الكلام: أنه ارتكب صغيرة وأظهر الفرح والسرور من ارتكابه عوض أن يندم ويأسف من التورط فيه، فنفس الفرح والسرور من مخالفة أوامر الله ونواهيه يوجب صيرورة الصغيرة كبيرة. وهذا يرجع إلى هتك حرمة الله والجرأة عليه تبارك وتعالى.
ومنها: عدم الستر على معصيته وإظهاره والتجاهر به، فمثل أن يأتي بالأجنبية مكشوفة كي ترقص في مجلس أنس أو عرس أو ختان أو غير ذلك، فهذا من حيث أنه تجر على الله تكون كبيرة، وكذلك حلق اللحية حيث أنه معصية ظاهرة غير مستورة تكون كبيرة وإن كان في حد نفسه صغيرة لو أخفاه ولم يتجاهر به.
ومنها: أن يكون مرتكب الصغيرة عالما كبيرا يقتدي به الناس، فارتكابه للصغيرة يصير سببا لإشاعة المنكر، حيث أن الناس يتبعونه ويقتدون به، فيصير هذا المنكر الصغير في نظرهم معروفا، فلو لبس قباء من الإبريسم الخالص، أو لبس الخاتم من ذهب خالص، أو غير ذلك من المحرمات فالناس والعوام، يستشهدون بفعله ويصنعون كما صنع. وهذا معناه صيرورة المنكر معروفا، والله هو الموفق للصواب.
[الامر] الخامس عشر: هل يعتبر في تحقق التوبة أن يكون قادرا على فعل ما تاب عن فعله؟ مثلا في التوبة عن الزنا هل يعتبر أن يكون قادرا على فعله أم لا؟
فلو زنا وبعد ذلك صار عنينا لا يقدر على هذا الفعل، هل بحصول الندم على فعله السابق تتحقق التوبة، إذ العزم على الترك لا يمكن في حقه لأنه بنفسه منترك، والعزم على الترك فيما إذا كان الترك اختياريا، وهاهنا الترك قهري.
وليس الطرفان - أي الفعل والترك - بالنسبة إليه متساويين كي يرجح أحدهما على الاخر بالإرادة واختياره، إذ طرف الترك بالنسبة إليه ضروري الجود، وطرف