هذا، مضافا إلى قوله صلى الله عليه وآله لام سعد بن معاذ بعد ما خاطبت سعد بعد دفنه: هنيئا لك الجنة يا أماه، قال صلى الله عليه وآله لها: " يا أم سعد لاتحتمن على ربك أمرا "، ثم بين لها ما أصاب سعد من ضغط القبر.
والانسان إذا راجع الآيات والاخبار - بل العقل - يرى ويعلم أن كل ما يصل إليه من الرحمة والخير من قبل الله تعالى تفضل منه تعالى وإحسان، لا أنه بالاستحقاق كي يكون عدمه ظلما.
الأمر التاسع: هل يجب تجديد التوبة بعد أن تاب عن معصية ومضى زمن وغفل عنها حينما ذكرها فيما بعد والتفت إليها، أو تلك التوبة السابقة كافية في ارتفاع أثر المعصية السابقة ولا يحتاج إلى تجديدها؟
ربما يقال بلزوم تجديد العزم على الترك والندم على ما فعل وارتكب من المعصية في الزمان الماضي، لان معنى التوبة هو الرجوع إلى الله، والعدول إلى الطريق المستقيم من الانحراف، والاعراض عن الله تعالى والندم على ما فعل، فإن زال هذا المعنى عنه ولم يبق ندامته ولا العزم على الترك فلا يكون تائبا وراجعا بقاء، خصوصا إذا كان بعد أن التفت إلى عصيانه وأنه ارتكب المحرم الفلاني اشتاقت نفسه إليه.
ولو لم يرتكب لمانع آخر، لا للندم عن فعله السابق، وللعزم على الترك، بل إما لعدم إمكانه الارتكاب أو لمانع آخر، فهو في هذه الحالة ليس بتائب ولا بنادم عما فعل.
ولكن أنت خبير بأن حقيقة التوبة هو الندم عن فعل المحرم والعزم على تركه، وهذا المعنى حصل، وأما عدم الاشتياق في الأزمنة المتأخرة إليه طول عمره فليس داخلا في حقيقة التوبة، ولا هو من لوازمها.