ولكن في الآخرة يعرف أنه ليس له أهمية أصلا، بل في هذه الدنيا قبيل موته حين ما يعاينه - أي الموت - يعرف أن لهذا الذي كان في نظره أهمية كبيرة لا أهمية له أصلا، هو والتراب سواء، وهاهنا علماء الأخلاق ذكروا لهذا الموضوع قصص وحكايات كثيرة، وإن شئت فراجع كتبهم، وأبسط ما رأيناه كتاب إحياء العلوم للغزالي 1، ولكن الأحسن والأجود ما في كتب الاخبار الصادرة عن أهل بيت العصمة كقضية يوزاسف وبلوهر التي ذكرها المجلسي عليه الرحمة والرضوان في كتابه عين الحياة. واسأل الله أن يهدينا سواء السبيل.
[الامر] الثاني عشر: في بيان مراتب التوبة:
الأولى: أن يندم على صدور جميع المعاصي التي صدرت منه، ويعزم على الاحتراز والاجتناب عن جميع المعاصي وما حرمه الله، كبيرة كانت أو صغيرة، ويستديم على هذا العزم وهذه النية طول عمره وينزه قلبه ويطهره عن جميع الرذائل والصافات السيئة، ويحليها بالأخلاق والملكات الحسنة الحميدة كي يكون قلبه سليما عن كل عيب ونقص، ويرد على الله تبارك وتعالى بعد موته بقلب سليم الذي لا ينفع في ذلك اليوم غيره شئ، لا مال ولا بنون.
فهذه هي التوبة الكاملة وأعلى مراتبها، ومعلوم أن هذه المرتبة لا تحصل إلا بإعطاء كل ذي حق عليه حقه، سواء كان الحق متعلقا بأموال الناس، أو بأنفسهم، أو بأعراضهم حتى لا يكون عليه تبعة ويلقى الله أملس، لا يكون عليه تبعة من أحد المخلوقين، كما هو مذكور فيما قاله أمير المؤمنين عليه السلام لمن قال بحضرته " أستغفر الله "، والحديث تقدم ذكره 2.