وأما الثاني: فأخبار كثيرة دالة على مشروعية الإجارة، نذكرها إن شاء الله تعالى في الفروع الآتية.
وأما الثالث: فالقولي منه هو اتفاق جميع الفقهاء على مشروعية الإجارة، والعملي منه هو اتفاق جميع المتدينين من جميع الفرق الاسلامية على أخذ الأجير لحوائجهم وإيجار أملاكهم، بل لا يبعد الادعاء بأن ثبوتها ولزوم ترتيب الأثر عليها من الضروريات.
الجهة الثانية في بيان حقيقتها وشرح ماهيتها والمراد منها أقول: الظاهر أن لفظة " الإجارة " مصدر فعل الثلاثي المجرد، أجر يأجر إجارة، ككتاب مصدر كتب، وهي في الأصل بمعنى الاكراء كما ذكره أهل اللغة، وهو المتفاهم العرفي من هذه الكلمة.
وعند الفقهاء: فالمشهور منهم قائلون بأنها عبارة عن تمليك منفعة معلومة بعوض معلوم، وقيل إن حقيقتها التسليط على عين للانتفاع بها بعوض معلوم.
والأول أمتن وأشمل، لعدم شمول الثاني إجارة الحر نفسه، لان الحر لا يقع تحت سلطنة أحد ولا يمكن أن يكون لاحد يد عليه. نعم تمليك منافعه لا مانع منه.
وقد أشكل على التعريف الأول بأن المنافع تدريجية الوجود، ما لم ينعدم الجزء الأول لا يتحقق الجزء التالي، فلا قرار وثبات لها كي تصير متعلقة للملكية ويرد عليها التمليك.
وفيه: أن الأمور التدريجية الوجود أيضا لها وجود، ولوجودها آثار، فمثل الليل والنهار وليلة الجمعة وشهر رمضان لها وجود، وذلك لان المتصل التدريجي مساوق للوحدة الشخصية، فالقول بأن المنافع حيث أنها تدريجية الوجود فليس لها