في التنازع وفيه فروع:
[الفرع] الأول: لو تنازعا في أصل وقوع الإجارة فالقول قول منكرها، سواء كان هو المالك أو طرفه، لمطابقة قوله للحجية الفعلية، وهي أصالة عدم وقوعها.
وقد حقق في باب تشخيص المدعي والمنكر أن المناط في كونه منكرا مطابقة قوله للحجية الفعلية، كما أن المناط في كونه مدعيا مخالفة قوله لها، وبعد تشخيصهما يدخلان تحت القاعدة المعروفة المسلمة " البينة على المدعي، واليمين على من أنكر ".
هذا إذا كان قبل استيفاء المنفعة، فبعد إن لم تكن لمدعي الإجارة بينة وحلف المنكر، فالعين التي يدعي إجارتها مع منافعها لمالكها ويختم النزاع.
وأما لو كان بعد استيفاء المنفعة فحيث أن مع بطلان الإجارة يستحق المالك أجرة المثل فلا يخلو الامر من أحد ثلاث:
إما يكون المسمى المدعى مساويا لأجرة المثل، أو أقل، أو أكثر. فإن كان مساويا فلا يبقى نزاع في البين، وإن كان أقل فالأغلب حينئذ أن يكون المالك هو الذي يدعي البطلان لكي يأخذ أجرة المثل الذي هو أكثر، فيؤول النزاع إلى أن المالك يطالب الزيادة على المسمى، والأصل عدمها، فيكون طرف المالك هو المنكر، لأصالة عدم الزيادة.
وإن كان أكثر فالأغلب أن يكون المدعي للبطلان هو طرف المالك لكي لا يعطي المسمى الذي يزيد على أجرة المثل، فيكون هو المنكر، لأصالة عدم استحقاق المالك أزيد من أجرة المثل، فيحلف على عدم وقوع الإجارة ويعطى أجرة المثل الذي هو الأقل. وهذا الذي ذكرنا من تقديم قول منكر الإجارة مضافا إلى أنه مقتضى قواعد باب القضاء، ادعوا عليه الاجماع.