مولوي؟
قد يقال: إنه إرشادي عقلي، ولا يمكن أن يكون شرعيا مولويا، لوقوعه في سلسلة معاليل الأحكام، فيكون حاله حال وجوب الإطاعة، فلو كان شرعيا يلزم من وجوده تكرره، وكل ما كان كذلك يلزم منه التسلسل المحال، فهو باطل ومحال.
وبعبارة أخرى: لو كان أمر " تب " شرعيا، يلزم من ذلك تعلق أمر آخر مثل الأمر الأول به، فيكون الأمر الأول المتعلق بمادة التوبة موضوعا للامر الثاني متعلقا بتلك المادة، وهكذا الأمر الثاني يكون موضوعا للامر الثالث بتلك المادة، وهكذا وهلم جرا، فيلزم من وجوده تكرره، فيكون محالا كما عرفت.
ولكن هذا القياس ليس في محله وباطل، وذلك لان أمر " أطع " موضوعه كل أمر شرعي مولوي صدر من الشارع، لان الإطاعة عبارة عن امتثال كل أمر مولوي صدر عن الشارع، فلو كان أمر " أطع " شرعيا مولويا فكل فرد من أفراد أمر " أطع " يكون موضوعا لأمر آخر مثله، فقهرا لا ينتهي مثل هذا إلى حد، لان كل واحد من أفراد " أطع " يولد مثله فيلزم من وجوده تكرره، ومثل هذا يلزم منه التسلسل المحال.
وأما أمر " تب " فليس وجوده موضوعا لأمر آخر مثله كي يلزم من وجوده تكرره، بل ينقطع بامتثال كل واحد ما بعده، إذ موضوع المتأخر عصيان المتقدم لا وجوده، فلا يدخل تحت قاعدة " كل ما يلزم من وجوده تكرره فهو محال " كما كان في باب الإطاعة كذلك، فقياس أمر التوبة بأمر الإطاعة باطل.
وليس معنى التوبة " لاتعص كي يكون مثل باب الإطاعة، بل معناه هو أنه إذا عصيت ارجع عن غيك وضلالك إلى الله، أو إلى الطريق المستقيم، ومآل كليهما واحد ثم إنه بعد ما عرفت أن كون أمرها أمرا شرعيا مولويا ممكن، ففي مقام