فرع: لا يجوز إجارة نفسه لاتيان ما وجب عليه، سواء كان الواجب تعبديا أو توصليا، عينيا أو كفائيا إذا كان وجوبه بعنوانه الخاص كتغسيل الأموات وتكفينهم ودفنهم.
وأما الواجبات النظامية التي وجبت لحفظ النظام وحاجة الأنام، كالصناعات التي لا تقوم أسواق المسلمين إلا بها، وكذلك الحرف والمكاسب التي يحتاجون إليها، فلا مانع من أخذ العوض عليها، بل وجوبها من أول الأمر ليس مطلقا، بل يكون مع أخذ العوض.
ولقد ذكرنا هذه القاعدة أي قاعدة " عدم جواز أخذ الأجرة على الواجبات عدا الواجبات النظامية " مفصلا ومشروحا في بعض الاجراء المتقدمة، وهو الجزء الثاني من هذا الكتاب فلا يحتاج إلى ذكرها هاهنا ثانيا.
فرع: لو استأجر دابة لحمل مقدار معين من صبرة، فحملها أزيد من ذلك المقدار زيادة لا يتسامح فيها، فتارة يكون المستأجر هو الذي اعتبر ذلك المقدار بكيل أو وزن، وأخرى يكون المعتبر والمحمل هو المؤجر، وثالثة يكون غيرهما، ولا يكون المعتبر والمحمل ولا المؤجر ولا المستأجر، بل يكون أجنبيا فعل ذلك.
فإن كان المعتبر والمحمل كلاهما هو المستأجر، لزمه أجرة المثل عن الزيادة، لأنه في حكم الغاصب وتصرف في مال الغير بدون إذن صاحبه، فيكون ضامنا لما انتفع به، بل يضمن نفس الدابة، لأنه غاصب أو في حكمه، لتصرفه عدوانا في دابة الغير بدون إذن صاحبه في تلك الزيادة، فتكون يده يد ضمان.
نعم هاهنا كلام آخر، وهو أنه ربما يقال بأن تلف الدابة لو كان مستندا إلى مجموع الحمل - وهو في بعضه مأذون - فهل يقسط ويكون ضامنا بالنسبة إلى