الاثبات يكفي لاثباته هذه الآيات الكثيرة، والروايات المتواترة، وتلك الأدلة العقلية.
ثم إنه من آثار كونه أمرا شرعيا مولويا هو أنه لو عصى معصية واحدة وإن كان ما ارتكبه من الصغائر ولم يتب يصير فاسقا، لإصراره على المعصية بترك التوبة، خصوصا إذا تأخرت توبته مدة، فيصدر منه تروك كل واحد منها معصية، وإن قلنا بأن ترك التوبة معصية صغيرة لتحقق الإصرار الذي هو معصية كبيرة، فيصير فاسقا بذلك. وأما لو لم نقل بأن أمر التوبة أمر مولوي، بل إرشادي محض، فليس هاهنا إلا تلك المعصية الصغيرة التي ارتكبها، فلا يخرج عن العدالة وإن كان بانيا عازما على الرجوع إلى تلك المعصية، كالنظر إلى الأجنبية بناء على أن البناء والعزم على المعصية ليس بمعصية، كما أن الظاهر أنه هو كذلك. وهذا أثر مهم.
الأمر الثاني: هل يعتبر في تحقق التوبة العزم على عدم العود إلى إيجاد مثل ما تاب عن إيجاده، أم لا؟
والظاهر هو أن العزم على عدم العود إليه وإرادة عدم إيجاده مرة أخرى من لوازم التوبة، بمعنى الندم عما فعل بحيث لا ينفك عنه. نعم لا ينافي الندم عن فعل شئ والعزم على تركه طول عمره مع احتمال صدوره عنه لوجود غريزة، أو طرو حالة تمنعه عن الاستمرار على الترك، وإن كان في الحال الحاضر عازما على الاستمرار على الترك، كما في المتعودين بشرب الأفيون أو سائر المخدرات لما يتوجه إلى مضاره ومفاسده يبني ويعزم على ترك شربه، ولكن العادات قاهرات، فربما يطرأ عليه حالة تمنعه على الجري على طبق عزمه، فطرو مثل هذه الحالات بالنسبة إلى التائب لا ينافي مع تحقق التوبة منه في السابق، ولا ينافي العزم على العدم قبل طرو هذه الحالة.
وعلى كل حال العزم على عدم العود إليه معتبر فيها، بمعنى أنه من لوازمها ولا