والمراد من الأول: هو أن لا يكون وجوب أدائه موقتا بوقت، بل بمقتضى اشتغال ذمته للدائن من غير تقييد في أدائه بوقت معين يجب عليه الأداء في أي وقت طولب إن كان موسرا، فللدائن حق المطالبة في أي وقت شاء إن كان موسرا.
والمراد من الثاني: أن يكون وجوب أدائه موقتا بوقت خاص معين، بحيث لو طالب الدائن قبل ذلك الوقت لا يجب على المديون إجابته وإن كان موسرا.
وما ذكرنا في بيان القسمين كان من توضيح الواضحات، لوضوح المفهومين عند العرف وعدم خفاء فيهما.
والعمدة في المقام هو أن الدين الحال أو المؤجل الذي حل أجله إذا كان المديون بصدد أدائه ليس للدائن الامتناع عن أخذه وقبوله.
والوجه واضح، لان اشتغال ذمته لغيره ثقل عليه بل ذل له، فله حق تفريغها، كما أن لذلك الاخر حق تحصيل ماله، فليس للمديون حق الامتناع إن طولب الأداء، ولا للدائن حق الرد وعدم القبول إن كان موسرا وصار بصدد الأداء.
وإن رد ولم يقبل يجبره الحاكم على القبول، وإن لم يقدر الحاكم على ذلك أحضره الحاكم عنده ومكنه منه تفرغ ذمته. ولو تلف بعد ذلك لا يضمنه المديون لصدق الأداء على ما فعل، ولم يوجد الحاكم يعزله عن ماله ويضعه عند أمين إلى أن يقبل أو عدول المؤمنين، وإن تلف بعد ذلك لا ضمان على أحد.
نعم في الدين المؤجل إن صار المديون بصدد الأداء، فلا بأس بالقوم بعدم إيجاب القبول، خصوصا إذا كان لعدم القبول مصلحة له.
فرع: لا تصح قسمة الدين، فلو اقتسما ما في الذمم فتلف قسمة أحدهما أو بعضها واستوفى الاخر، فالمستوفى لكليهما والتالف منهما.