ليس التسليط على الانتفاع مجانا، بل يكون بإزاء انتفاع المعير الأول من مال المستعار الذي هو المعير الثاني.
ولكن فيه: أن المراد من أن العارية عندهم عبارة عن أن يكون انتفاع المستعير مجانا، أي لا يكون بإزاء الانتفاع ومقابله شيئا من المال. والامر في المفروض أيضا كذلك، لأنه ليس مع هذا الشرط شئ من المال في قبال الانتفاعات، بل تكون الإعارة مشروطة بالإعارة.
وهذا مثل الهبة المشروطة بهبة الموهوب له، فليس هناك أيضا مقابل العين الموهوبة كي نقول بأن الهبة المعوضة باطلة ولا معنى لها، لان الهبة معناها التمليك بلا عوض، فكون العوض لها لا يجتمع مع كونها هبة.
والجواب هناك وهاهنا واحد، وهو أن العوض في العارية المشروطة، وفي الهبة المعوضة ليس للانتفاعات في الأول، وللعين الموهوبة في الثاني، بل العارية المشروطة الشرط هو إعارة شئ معين آخر بإزاء إعارة الأول، فالإعارة بإزاء الإعارة شرطا أي يلتزم بإعارة في قبال إعارته. وهكذا في الهبة المعوضة هو أن يلتزم الموهوب له بأن يهب شيئا في قبال هبته لا عوض موهوبه.
فالعارية المشروطة بعارية أخرى من طرف المستعير، وهكذا هبته المشروطة بهبة أخرى من طرف الموهوب له ليسا من العقود المعاوضية وليس الشرط في كليهما منافيا لمقتضى عقديهما.
فرع: لو تلفت العارية بعد التعدي والتفريط، مثل أنه استعار دابة للركوب فاستعملها في الحمل فتلفت بعد مدة، فلا شك في ضمانها، لان يده بعد التعدي والتفريط خرجت عن كونها يد أمانة، فتشملها قاعدة " على اليد ما أخذت " وإنما الكلام في أنها لو كانت قيميا فما يأتي بذمته قيمة يوم التعدي، أو قيمة