مسكرا، أو جارية للغناء، أو كاتبا ليكتب له كفرا لم تنعقد الإجارة، وربما قيل بالتحريم وانعقاد الإجارة لامكان الانتفاع في غير المحرم، والأول أشبه 1.
لما ذكرنا مكررا أن حقيقة الإجارة تمليك منفعة معلومة بعوض معلوم، فإذا كانت المنفعة محرمة فليس قابلا للتمليك، لأنه لا يملكها فكيف يملكها، ولا يمكن يكون فاقد الشئ معطيا له.
فالتعليل لصحة الإجارة ووقوعها بإمكان الانتفاع في غير المحرم لا وجه له بعد عدم تمامية أركان الإجارة، وذلك لما ذكرنا أن المؤجر فعله عبارة عن تمليك المنفعة للمستأجر، فلابد وأن يكون إما مالكا لتلك المنفعة، أو يكون مالكا للتمليك من طرف المالك بنيابة، أو ولاية، أو غير ذلك، ففي إجارة الأعيان لابد وأن يكون مالكا لتمليك منفعة تلك العين، وفي إجارة الافعال لابد وأن يكون المؤجر مالكا لذلك الفعل، أو كان مالكا لتمليكه نيابة، أو ولاية، أو غير ذلك.
فإذا سلب الشارع سلطنته في كلا المقامين، فيكون الممتنع شرعا كالممتنع عقلا، فليس تمليك تلك المنفعة المحرمة أو ذلك الفعل المحرم اللذان وقعت الإجارة عليهما، فالانتفاع في غير المحرم لا يملكه، فكيف يكون له ذلك. ولذلك قلنا لا يصح أخذ الأجرة على الواجبات على الأجير وكذلك على أفعاله المحرمة.
فرع: ومن شرائط صحة الإجارة أن تكون المنفعة مقدورا على تسليمها، فلو آجر عبدا آبقا أو دابة شاردة بحيث لا يقدر المؤجر على تسليمها، ولا المستأجر على أخذها وقبضها، تكون الإجارة باطلة، لكونها معاملة غررية بل سفهية، ويكون أخذ العوض على تمليك مثل هذه المنفعة التي لا طريق للمستأجر إلى استيفائها أكل المال بالباطل، ولا يصدق عليه أنه تجارة عن تراض. وهذا لا