وبعبارة أخرى: حصلت التوبة وعفى الله عما سلف، حتى لو ارتكب ذلك المحرم ثانيا بعد أن تاب وعزم على تركه فتكون هذه معصية جديدة، ولا يضر بالعفو السابق، ولا يعاقب على فعله السابق، بل استحقاق العقاب على فعله الثاني فقط إن لم يتب عنه، وإلا إن تاب عنه ثانيا أيضا كما تاب عن فعله الأول فلا عقاب لا على الأول لحصول العفو له بالتوبة الأولى، ولا على الثانية للتوبة الثانية. وهكذا الحال في تكرار الفعل وتكرار التوبة، كما أنه ينفق كثيرا وكان في مضامين الأخبار السابقة.
مضافا إلى أنه مشمول حكم العقل أيضا بحصول التوبة وقبولها كما تقدم بيانه.
فظهر أن تجديد العزم على الترك والندم على ما فعل سابقا بعد الغفلة عما فعل من المعاصي بعد التوبة عنها سابقا وإن كان حسنا ومن كمال الايمان وسلامة القلب وطهارته من أدناس المعاصي، ولكن لا يحتاج إليه في بقاء العفو السابق، لان العفو إذا حصل فهو باق، بل هو من قبيل إسقاط ما في الذمة فلا يعود إلا بسبب جديد، فالعفو إذا حصل لا يبقى محل للمؤاخذة والعقاب إلا بسبب جديد. وفيما نحن فيه ليس السبب الجديد إلا بالمعصية الجديدة، والمفروض أنه ليس في البين معصية جديدة.
إن قلت: لا نسلم أن العفو حصل بصرف حصول الندم والعزم على الترك آنا ما، بل حصول العفو مشروط بالشرط المتأخر على بقاء الندم والعزم على الترك طول عمر التائب.
فجوابه: أن هذا مخالف لما هو الظاهر من معنى التوبة والمفهوم العرفي منها، وأيضا مخالف لحكم العقل وللأخبار المتقدمة كما بينا.
الأمر العاشر: إن الانسان إذا أراد أن يتوب وهو ارتكب معاصي كثيرة صغيرة وكبيرة، وذلك كما أن شخصا مدة مديدة من عمره كان منحرفا عن الطريق المستقيم،