وقد تقدم بعض الكلام في مسألة هلاك الدابة لو حمل عليها أزيد من المقدار المتعارف.
فرع: إذا دفع سلعته ليعمل له فيها عملا، كما إذا دفع ثوبه للقصار والغسال ليغسله ويبيضه أو يرقعه إذا كان محتاجا إلى التغسيل والتبييض والترقيع، فإن كان هذا شغله، ومن حرفته أن يستأجر لمثل هذه الأعمال فله أجرة المثل، لان هذا العمل - أي إعطاء السلعة للعمل فيها - يكون إجارة معاطاتية، كما أن المتعارف الان في الأسواق في أكثر البلاد أن صاحب النعال والحذاء إذا كان في نعاله أو حذائه خرق يعطي للرقاع ليصلحه بإزاء ما هو المتعارف من أجرته، وكذلك الحال في صباغ الأحذية والأثواب.
وقد يكون بصورة الامر، كما إذا قال للحلاق: احلق رأسي، وكذلك الامر في سائر أرباب الحرف والصنائع يعطي سلعته لكي يصلحها، مثل الرجوع إلى من يصلح الساعة أو المكائن للطبخ، وكثير من المراجعات إلى أرباب الحرف والصناعات من هذا القبيل، فلا شك في استحقاق العامل أجرة مثل عمله.
وأما إذا لم يكن شغله ولا من عادته أخذ الأجرة على مثل هذا العمل، ولكن كان لمثل هذا العمل عند العرف أجرة، وسائر الناس يأخذون الأجرة عليه، فله حق المطالبة وادعاء أنه لم يعمل مجانا، بل قصد أخذ الأجرة.
وحيث أن عمل المسلم محترم وهذه الدعوى - أي قصده للأجرة - لا يعلم إلا من قبله وهو أعرف بنيته وما قصده، فتسمع ويجب على صاحب السلعة أو الامر إعطاء الأجرة.
وأما لو لم يكن عند العرف لمثل هذا العمل أجرة، مثل أن يأمر شخصا بأن يؤذن أو يكنس هذا المسجد هذا اليوم فقط، أو يلتمس استيداع شئ عنده لمدة