لما عرفت مكررا من أن الاستدلال بالاجماع مع وجود الرواية المعتبرة لا وجه له، وخلاف ما بينا في الأصول في باب حجية الاجماع 1.
فظهر مما ذكرنا أن من قتل عمدا وعليه دين ولا مال له لا يجوز لأولياء الدم القود أو العفو إلا أن يضمنوا الدين، وإن أخذوا الدية وصالحوا عليها يجب عليهم أن يقضوا دين المقتول مما أخذوا من القاتل بعنوان الدية، لأنه أحق بها من غيره.
فرع: قال في الغنية: ويكره استحلاف الغريم المنكر، لان في ذلك تضييعا للحق وتعريضا لليمين الكاذبة، ومتى حلف لم يجز لصاحب الدين إذا ظفر بشئ من ماله أن يأخذ بمقدار حقه، ويجوز له ذلك إذا لم يحلف إلا أن يكون ما ظفر به وديعة عنده، فإنه لا يجوز له أخذ شئ منها بغير إذنه على حال بدليل الاجماع الماضي ذكره، ويخص الوديعة عموم قوله تعالى (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) 2 و 3.
وما ذكره في هذه الأسطر يشتمل على أربع فروع:
الأول: كراهة الاستحلاف، لما ذكره من أنه موجب لتضييع الحق والتعريض لليمين الكاذبة، وهو تعليل حسن.
الثاني: أن المديون المنكر متى حلف فلا يجوز المقاصة عن ماله لو ظفر به.
الثالث: جواز المقاصة لو لم يحلف.
الرابع: عدم جواز المقاصة ولو لم يحلف إن كان ما ظفر به وديعة المديون عنده.